Thursday, 19 March 2020

《 مشروعية القنوت في دفع نازلة الوباء ورفعه 》



    بسم الله الرحمن الرحيم 
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .
{ يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون }
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } 
{ يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً }
أما بعد 
فيرى بعض أهل العلم أن ( رفع الوباء)  لايدعى فيه ولايقنت  وذلك  "  لما فيه من معنى الرحمة، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم طُعنوا كما في طاعون عمواس في عهد أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنهم أجمعين، فلم يقنت رضي الله عنه،، ولذلك قالوا: لا يشرع في هذا أن يدعا برفع البلاء" 
وأما مسألتنا هذه وهي (  دعاء الله في دفع هذا الوباء وفي رفعه ) 
فهنا ( فرق بين دفع الوباء  قبل نزوله و رفع الوباء بعد نزوله ) 
فيشرع الدعاء في دفعه و في رفعه على الصحيح من أقوال العلماء 
وذلك أن ( الوباء أو الطاعون) مثل العدو فيسأل المسلم ربه النجاة منه وقد ثبت في البخاري من حديث الصحابي الجليل  عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 
:( أيُّها النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ ) وكما قال أهل العلم : " بأن الطاعون منشأ الشهادة والرحمة لأنفسهما ، المطلوب رفع ما هو المنشأ وغايته أن يكون كملاقاة العدو وقد ثبت سؤال العافية منها " وحيث ثبت في صحيح البخاري رحمه الله من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سألتُ رسول الله ﷺ عن الطاعون فأخبرني أنه: عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد) 

وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه. أفلا قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله له فشفاه.
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء) .
و في هذه الأحاديث وأمثالها استحباب التعوذ من البلاء ومن أعظم البلاء الأمراض والأوبئة كفى الله المسلمين شرها 
و العذاب يستعاذ بالله منه في دفعه وإبعاد شره وضره عن المسلمين فلا ملجأ ولا منجأ من الله إلا إليه 
فيكون دعاء دفع هذا الوباء
من  النوازل  التي تحل بالمسلمين فيشرع له القنوت  في الصلاة المفروضة والقنوت من السنن الثابتة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم 
وبهذا قال شيوخ الإسلام وأئمة السنة لا خلاف بينهم على استحبابه
دل على ذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين وإجماع ائمة السنة 
ففي كتاب المغازي من صحيح البخاري وفي كتاب الإمارة من صحيح مسلم من حديث  أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا لحاجة، يقال لهم القراء، فعرض لهم حيان من سليم: رعل وذكوان عند بئر يقال لها: بئر معونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا وإنما نحن مجتازون في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهرا في صلاة الغداة) . وفي رواية عن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة الأخيرة في صلاة شهرا: " اللهم أنج الوليد ابن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج عياش ابن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وهذا استفاض وانتشر في دواوين السنة وعليه عمل المسلمين في كل عصر   .
وقد ذكر العلماء 
أنواع النوازل التي يشرع فيها الدعاء في الصلوات هو ما كان له تعلق بجميع المسلمين على جهة العموم  ومن ذلك اعتداء الكفار على المسلمين،  وانتشار الأوبئة وغيرها.قال الحافظ النووي رحمه الله في شرحه على صحيح الإمام مسلم رحمه الله ( ٥ / ١٧٦ ): "والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات". 
وصفات القنوت الثابتة في السنة :
 أنه يكون بعد الركوع من آخر ركعة في الصلاة وفي جميع الصلوات المفروضات جهرية كانت أو سرية، وآكد ذلك في صلاة االمغرب والفجر كما في صحيح مسلم رحمه الله و يدل لمشروعيته في الفرائض كلها ما رواه أبوداود( ١٤٤١) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود وإبن القيم في زاد المعاد عن الصحابي الجليل  عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال:( قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه) 

ويتأكد  هذا بعد إذن ولي الأمر أو من ينيبه    .
هذا الذي ظهر لي في هذه المسألة . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
......
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني

No comments:

Post a Comment

《 تنبيه أهل العلم والإيمان في أنه لا يوجد في لغة العرب فرق في معنى لفظي ( المجئ ) و ( الإتيان ) 》

       بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  أما بعد  فهذه رسالة لعلها تتبع ر...