Wednesday, 30 October 2019

توضيح عبارة (خالق بلا حاجة) في متن الطحاوية

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه 
أما بعد  :

هنا ملحوظة هامة أحببت التنبيه عليها وهي قول الطحاوي رحمه الله في متن الطحاوية : [  خالق بلا حاجة  ]
هذه العبارة ظاهرها أن  صاحبها أراد التنزيه  وهي متضمنة بيان صفة من صفات الله سبحانه وتعالى وهي أنه سبحانه غني عن خلقه، والغنيّ إسم من أسماء الله سبحانه وتعالى قال  تعالى في سورة فاطر :{  يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }.
ومعنى الغني :
قال إبن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية : " يخبر تعالى بغنائه عما سواه ، وبافتقار المخلوقات كلها إليه ، وتذللها بين يديه ، فقال : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ) أي : هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات ، وهو الغني عنهم بالذات; ولهذا قال : ( والله هو الغني الحميد )أي : هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له ، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ، ويقدره ويشرعه" إنتهى كلامه رحمه الله .
قال السعدي رحمه الله:
" { وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده]." إنتهى كلامه رحمه الله 

وقد ورد ذكر  إسم( الغني )  في القرآن الكريم ثمانية عشر مرة كما في  معجم ألفاظ القرآن الكريم  .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" وجهات ضرورته لا تنحصر بعدد ولا لها سبب بل هو مضطر إليه بالذات كما أن الله عز و جل غني بالذات فإن الغنى وصف ذاتي للرب والفقر والحاجة والضرورة وصف ذاتي للعبد قال شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله روحه : 
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي " إنتهى كلامه رحمه الله من مدارج السالكين تحقيق حامدالفقي رحمه الله( ١ / ٤٤٠ )

والواجب :
على كل من أراد أن  يسمي الله أو ان يصفه  أن يكون ذلك بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى التي أتت في الكتاب والسنة، لأن اسماء الله الحسنى وصفاته العلى  توقيفية لامجال للاجتهاد فيها.
وقد بين علماء السنة أنه يجوز أن يُخبر عنه بأي صفة تدل على الكمال والتنزيه مع عدم صحة نسبة الاسم المشتق منها إلى الله سبحانه وتعالى أو وصفه فيه تعالى وتقدس .
والواجب :
 الإقتصار على الألفاظ الشرعية التي أتت في الكتاب والسنة فيثبت المعنى ويفوض الكيف على الوجه الأكمل اللائق بربنا سبحانه و تعالى 
ومثل هذه العبارة (خالق بلاحاجة) ، عبارة مجملة فلا نردها حتى نستفصل عنها فإن أراد بها من أطلقها  معنى حق قبل،

وإن أراد بها معنى باطلا ردّ ولم يقبل منه.
والمتعين هو الكلام بالالفاظ الشرعية 

فمذاهب المعطلة الجهمية تخالف وتضاد  ماعليه عقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح  الذي دل عليه الكتاب والسنة وهدي سلف الامة فينفون عن الله الحكمة من الخلق  لكن لايصرحون بهذا بل يعبرون ب(أن الله منزه عن الحاجات والأغراض) ومرادهم نفي الحكمة والتعليل، وهم المعروفون ب(نفاة الأسباب والحكمة)، والحكمة عندهم : الإرادة والمشيئة.
لهذا يصرح بعض الأشاعرة الجبرية في شرحه لهذه العبارة (خلق الخلق ليس لحكمة ولا لعلة إنما محض المشيئة)
وهذا بناء على عقيدتهم الفاسدة في نفي الحكمة عن خلق الله للخلق .
.....
من شرح متن الطحاوية .
غازي بن عوض العرماني.

Friday, 18 October 2019

الفرق بين الصفة الذاتية و الصفة الفعلية لله تعالى و تقدس

سؤال :
 بارك الله فيك  أسأل عن التفرقة بين الصفة الذاتية والصفة الفعلية لله تعالى وتقدس. 

الجواب :
ماتعلقت به مشيئة الله صفة فعلية .
واذا لم تتعلق به المشيئة فهو صفة ذاتية .
واحيانا تكون بعض الصفات ذاتية فعلية 
فهي بإعتبار تعلقها بالله وعدم انفكاكها عنه بأي وجه من الوجوه صفة ذات 
وبإعتبار تعلق آحادها بالمشيئة صفة فعلية .
مثال ذلك : 
صفة الكلام لله سبحانه وتعالى صفة ذاتية لاتنفك عنه بوجه من الوجوه فيتكلم 
بما شاء 
كيف شاء 
متى شاء 
فهو من حيث تعلقه بالله سبحانه وتعالى صفة ذات ومن حيث وقوع آحاده وتعلقه بمشيئة الله تعالى وتقدس صفة فعلية .

مقولة أشكلت على البعض وهي كل دليل على الإستواء دليل على العلو ؛ والعكس لا أو يمتنع "

أشكلت علي هذه المقولة ، و هل هي صحيحة ام لا ؟
ونصها : " كل دليل على الإستواء دليل على العلو ؛ والعكس لا " أو يمتنع " 

الجواب : 
 الإستواء يأتي بمعنى علا وارتفع  . فإدلة الإستواء مثل قوله تعالى { الرحمن على العرش إستوى } تدل على صفة علو الله ،وكذلك تدل على وجود صفة أخرى لله سبحانه وتعالى اثبتها لنفسه المقدسة  واثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم وهي صفة إستواء الله - تعالى وتقدس - على عرشه 
وأما أدلة العلو فتدل على معنى واحد فقط اثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه واثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ولاتدل على صفة الإستواء بل هي صفة واحدة تدل على العلو المطلق لله سبحانه وتعالى ولاتدل على الإستواء ؛ فالإستواء جاء اثباته بإدلة أخرى غير أدلة صفة العلو ؛ هذا هو معنى العبارة التي اشكلت عليك والله اعلم .

Thursday, 17 October 2019

صفة الهرولة

《 صفة الهرولة 》
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد 

 فنؤمن  بأن الهرولة صفة من صفات الله الفعلية المتعلقة بمشيئة ربنا تعالى وتقدس وتنزه وهذه الصفة ثبتت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ففي الحديث القدسي الثابت  الصحيح الذي رواه اصحاب  الصحيحين  البخاري ( ٧٤٠٥ ) ومسلم (   ٢٦٧٥  ) وغيرهم من اصحاب السنن والمسانيد والمرفوع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه 《 أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً 》 فنثبت اللفظ ونعرف المعنى ونفوض الكيف  {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
ونقول كما قال السلف : من الله الرسالة وعلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - البلاغ وعلينا الإيمان والتسليم ونمر الصفات الواردة في الكتاب والسنة كما جاءت ويسعنا ماوسع سلفنا الصالح 
ونترك تمثيل خلف السوء وتعطيلهم وتحريفهم وتشبيههم الفاسد وتأويلهم الباطل 
وكل ماسبق ندين الله به عبادة وقربة . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
............
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني 
مساء يوم الخميس الموافق ١٨ / ٢ / ١٤٤١ من هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم.

Friday, 4 October 2019

الأخذ بالعلاج أفضل من تركه



سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى-



 س: حقيقة التوكل على الله، منها: الأخذ بالأسباب، ولكن
سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أصيب بمرض، ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء،
ولا يصبر على الألم. ما رأي سماحتكم في ذلك؟


(1) ج: الصواب أن العلاج أفضل، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وقد عالج النبي ، وعالج الصحابة وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه، ولكن لو عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح هو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه شرب العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع؛ للحديث :
عباد الله تداووا «ولما قالوا يا رسول الله، إن لنا رقی نسترقي بها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال هو من قدر الله تعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار إليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك : أتفر من قدر الله؟ قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ يعني: نفر من قدر الله الذي فيه الخطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف، فحدثه عن رسول الله ة أنه قال: «إذا سمعتم الطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث، وانصرف إلى المدينة. فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمر مشروع ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجبة، يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا واجب، وتوفي ما يضره كان لا يلقي نفسه في بئر، كل هذا لازم له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمر مطلوب ومشروع، وتوفي أسباب الهلاك أمر واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل. التوكل: الثقة بالله والاعتماد عليه، والتفويض إليه، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، ومن ذلك فعل الأسباب، المتوكل يعتمد على الله ويثق به، ويعلم أن كل شيء بقضائه وقدره، ومع ذلك يأخذ بالأسباب، يأكل لئلا يجوع، يشرب 
لا يهلك، يستدفئ في الشتاء عن البرد، إلى غير هذا من الأسباب التي شرعها الله لعباده.


المصدر السؤال الحادي و العشرون من الشريط رقم ١٥٤

فتاوى نور على الدرب لشيخ عبد العزيز بن باز  كتاب العقيدة الجزء الرابع  صفحة ٢٣
الطبعة الثانية 
١٤٣٥ سنة 

《 تنبيه أهل العلم والإيمان في أنه لا يوجد في لغة العرب فرق في معنى لفظي ( المجئ ) و ( الإتيان ) 》

       بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  أما بعد  فهذه رسالة لعلها تتبع ر...