بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد :
هنا ملحوظة هامة أحببت التنبيه عليها وهي قول الطحاوي رحمه الله في متن الطحاوية : [ خالق بلا حاجة ]
هذه العبارة ظاهرها أن صاحبها أراد التنزيه وهي متضمنة بيان صفة من صفات الله سبحانه وتعالى وهي أنه سبحانه غني عن خلقه، والغنيّ إسم من أسماء الله سبحانه وتعالى قال تعالى في سورة فاطر :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }.
ومعنى الغني :
قال إبن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية : " يخبر تعالى بغنائه عما سواه ، وبافتقار المخلوقات كلها إليه ، وتذللها بين يديه ، فقال : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ) أي : هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات ، وهو الغني عنهم بالذات; ولهذا قال : ( والله هو الغني الحميد )أي : هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له ، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ، ويقدره ويشرعه" إنتهى كلامه رحمه الله .
قال السعدي رحمه الله:
" { وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده]." إنتهى كلامه رحمه الله
وقد ورد ذكر إسم( الغني ) في القرآن الكريم ثمانية عشر مرة كما في معجم ألفاظ القرآن الكريم .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" وجهات ضرورته لا تنحصر بعدد ولا لها سبب بل هو مضطر إليه بالذات كما أن الله عز و جل غني بالذات فإن الغنى وصف ذاتي للرب والفقر والحاجة والضرورة وصف ذاتي للعبد قال شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله روحه :
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي " إنتهى كلامه رحمه الله من مدارج السالكين تحقيق حامدالفقي رحمه الله( ١ / ٤٤٠ )
والواجب :
على كل من أراد أن يسمي الله أو ان يصفه أن يكون ذلك بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى التي أتت في الكتاب والسنة، لأن اسماء الله الحسنى وصفاته العلى توقيفية لامجال للاجتهاد فيها.
وقد بين علماء السنة أنه يجوز أن يُخبر عنه بأي صفة تدل على الكمال والتنزيه مع عدم صحة نسبة الاسم المشتق منها إلى الله سبحانه وتعالى أو وصفه فيه تعالى وتقدس .
والواجب :
الإقتصار على الألفاظ الشرعية التي أتت في الكتاب والسنة فيثبت المعنى ويفوض الكيف على الوجه الأكمل اللائق بربنا سبحانه و تعالى
ومثل هذه العبارة (خالق بلاحاجة) ، عبارة مجملة فلا نردها حتى نستفصل عنها فإن أراد بها من أطلقها معنى حق قبل،
وإن أراد بها معنى باطلا ردّ ولم يقبل منه.
والمتعين هو الكلام بالالفاظ الشرعية
فمذاهب المعطلة الجهمية تخالف وتضاد ماعليه عقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح الذي دل عليه الكتاب والسنة وهدي سلف الامة فينفون عن الله الحكمة من الخلق لكن لايصرحون بهذا بل يعبرون ب(أن الله منزه عن الحاجات والأغراض) ومرادهم نفي الحكمة والتعليل، وهم المعروفون ب(نفاة الأسباب والحكمة)، والحكمة عندهم : الإرادة والمشيئة.
لهذا يصرح بعض الأشاعرة الجبرية في شرحه لهذه العبارة (خلق الخلق ليس لحكمة ولا لعلة إنما محض المشيئة)
وهذا بناء على عقيدتهم الفاسدة في نفي الحكمة عن خلق الله للخلق .
.....
من شرح متن الطحاوية .
غازي بن عوض العرماني.