سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى-
س: حقيقة التوكل على الله، منها: الأخذ بالأسباب، ولكن
سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أصيب بمرض، ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء،
ولا يصبر على الألم. ما رأي سماحتكم في ذلك؟
(1) ج: الصواب أن العلاج أفضل، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وقد عالج النبي ، وعالج الصحابة وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه، ولكن لو عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح هو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه شرب العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع؛ للحديث :
عباد الله تداووا «ولما قالوا يا رسول الله، إن لنا رقی نسترقي بها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال هو من قدر الله تعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار إليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك : أتفر من قدر الله؟ قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ يعني: نفر من قدر الله الذي فيه الخطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف، فحدثه عن رسول الله ة أنه قال: «إذا سمعتم الطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث، وانصرف إلى المدينة. فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمر مشروع ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجبة، يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا واجب، وتوفي ما يضره كان لا يلقي نفسه في بئر، كل هذا لازم له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمر مطلوب ومشروع، وتوفي أسباب الهلاك أمر واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل. التوكل: الثقة بالله والاعتماد عليه، والتفويض إليه، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، ومن ذلك فعل الأسباب، المتوكل يعتمد على الله ويثق به، ويعلم أن كل شيء بقضائه وقدره، ومع ذلك يأخذ بالأسباب، يأكل لئلا يجوع، يشرب
لا يهلك، يستدفئ في الشتاء عن البرد، إلى غير هذا من الأسباب التي شرعها الله لعباده.
المصدر السؤال الحادي و العشرون من الشريط رقم ١٥٤
فتاوى نور على الدرب لشيخ عبد العزيز بن باز كتاب العقيدة الجزء الرابع صفحة ٢٣
الطبعة الثانية
١٤٣٥ سنة
No comments:
Post a Comment