Wednesday, 29 April 2020

《 آداب يجهلها كثير من الناس 》


بسم الله الرحمن الرحيم 




[ المقدمة ؛ ضعف بني آدم عليه الصلاة والسلام  ] 

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
أما بعد  :

فيقول الله تعالى{ وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ويقول  تعالى وتقدس { وخلق الإنسان ضعيفا } 
فالمتأمل في تركيبة بني آدم عليه الصلاة والسلام  يرى   عظيم خلق الله الدال على ربوبية الله  ووحدانيته  ويرى ضعف   الجنس البشرى  ونقصه فخروج الريح سبب
طبيعي وضعه الله 
لإستقامة حياة الإنسان وإستمراريتها و توقف خروجها سبب لمرضه وهلكته وهذا الأمر الطبيعي في تركيبته ترتب عليها مسائل وأحكام نستعرض بعضها في رسالتنا هذه المتواضعة .

............
[   طالب العلم لا يتكبر ولا يستحٍ من الحق ومن طلب العلم بدليله ]

طالب العلم النافع والذي يحرص على العمل الصالح تجده حريصا على معرفة أحكام الشرع وما يجب لله ومايمتنع عنه ويحرص على معرفة الطريق المستقيم الموصل إلى الله وإلى طاعته ومرضاته ولا يتم له هذا الأمر إلا بعلم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالحين وهديهم ومثل مسائل رسالتنا هذه  من الفقه في الدين إمتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) إتفق على صحة هذا الحديث الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما
 و في صحيح البُخاري رحمه الله عن مُجاهد رحمه الله: (  لا يتعلَّمُ العلم مُستَحٍ ولا مُستَكبِر )

قال الإمام إبن كثير رحمه الله في تفسيره : 
" وروى إبن أبي حاتم وإبن جرير ، من حديث عاصم بن كليب ، عن سعيد بن معبد ، عن إبن عباس : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال : علمه إسم الصحفة والقدر ، قال : نعم حتى الفسوة والفسية " إنتهى كلامه رحمه الله. 

فأحرص ياعبدالله  على تعلم العلم الشرعي  وعلى تعلم  ماينفعك في أمر دينك فأنت في دار فانية قريب رحيلك فأستعد للقاء الله بالأعمال الصالحة { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } .

............
 [ حكم  الضحك من الضراط الذي خرج منك أو من غيرك ]

قال الإمام البخاري رحمه الله  ( ٥٥٨٢ ) 
: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفُسِ )
وروى البخاري( ٤٩٤٢)  ومسلم ( ٢٨٥٥) رحمهما الله عن عبد الله بن زَمْعَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنْ الضَّرْطَةِ وَقَالَ : (لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ)

قال النووي رحمه الله :" َفِيهِ  النَّهْي عَنْ الضَّحِك مِنْ الضَّرْطَة يَسْمَعهَا مِنْ غَيْره , بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَغَافَل عَنْهَا وَيَسْتَمِرّ عَلَى حَدِيثه وَاشْتِغَاله بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ غَيْر اِلْتِفَات وَلَا غَيْره , وَيُظْهِر أَنَّهُ لَمْ يَسْمَع.وَفِيهِ حُسْن الْأَدَب وَالْمُعَاشَرَة " إنتهى من [ شرح النووي على مسلم( ١٧ / ١٨٨ )]
 وقال في عمدة القاري ( ١٩ / ٢٩٤ )  
" وفيه الأمر بالإغماض والتجاهل والإعراض عن سماع صوت الضراط وكانوا في الجاهلية إذا وقع من أحدهم ضرطه في المجلس يضحكون ونهى الشارع عن ذلك إذا وقع وأمر بالتغافل عن ذلك والاشتغال بما كان فيه وكان هذا من جملة أفعال قوم لوط عليه الصلاة والسلام فإنهم كانوا يتضارطون في المجلس ويتضاحكون " .
 وقال في تحفة الأحوذي( ٩ / ١٨٩ )  " وكانوا في الجاهلية إذا وقع ذلك من أحد منهم في مجلس يضحكون فنهاهم عن ذلك " .
قال شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالی في شرحه لهذا الحديث في كتابه شرح رياض الصالحين  :
" يعني إذا ضرط الإنسان وخرجت الريح من دبره ولها صوت ضحكوا فقال صلى الله عليه وسلم واعظا لهم في ذلك  لم يضحك أحدكم مما يفعل ؟ ألست أنت تضرط كما يضرط هذا الرجل ؟ بلى إذا كان كذلك فلماذا تضحك؟ فالإنسان إنما يضحك ويتعجب من شیء لا يقع منه، أما ما يقع منه فإنه لا ينبغي أن يضحك منه، ولهذا عاتب النبي صلى الله عليه وسلم من يضحكون من الضرطة لأن هذا شيء يخرج منهم  عند كثير من الناس في بعض الأعراف لا يبالون إذا ضرط أحدهم وإلى جنبه إخوانه ولا يحتشمون من ذلك أبدا ويرون أنها من جنس العطاس أو السعال أو ما أشبه ذلك، ولكن في بعض الأعراف ينتقدون
هذا" إنتهى كلامه رحمه الله .

................
[ ما حكم الضراط في المجالس وأمام الناس بلا عذر شرعي   ]
 وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ( ٢٦ / ١١١ ) :
حدث في هذا الزمان أناس وللأسف إذا اجتمعوا في بعض مجالسهم يتضارطون فيضحكون على ذلك معجبين بهذا الفعل، وإذا قيل لهم: اتركوا هذه الأفعال الذميمة، قالوا: إنها أولى من الجشاء أو مثله، مع عدم الدليل المانع لذلك، فبماذا يجابون؟ أثابكم الله.
فأجابوا:
"لا يجوز التضارط تصنعا، ولا الضحك من ذلك؛ لمخالفة ذلك للمروءة ومكارم الأخلاق، وليس ذلك مثل الجشاء، فإن الجشاء يخرج عادة دون قصد إليه ولا يضحك منه، أما إذا خرج الضراط من مخرجه الطبيعي دون تصنع - فلا حرج فيه، ولا يجوز الضحك منه ؛ لما ثبت عن عبد الله بن زمعة أنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس) رواه البخاري " إنتهى من 
"فتاوى اللجنة الدائمة" .

............
 [ هل يعتبر الضراط بلا عذر  من خوارم المروءة ؟ ]

الضراط في المجالس بلا عذر شرعي كالمرض 
عده أهل العلم من سئ الأخلاق وخوارم المروءة  ومن علم من حاله هذه الخصلة السيئة فلا تقبل شهادته بل ترد ؛ أعاذنا الله وإياكم من الأخلاق السيئة والعادات المذمومة ؛ قال الخرائطي رحمه الله في [مكارم الأخلاق( ١ / ٤٨٤ )] 
" ولا شك أن تعمد إخراج الريح أمام الناس لغير عذر مناف للحياء، مناقض للمروءة، وهو من مساوئ الأخلاق، لا يعهد مثله إلا عن السفهاء " . إنتهى كلامه رحمه الله .

..........
[ ورد أن الضراط في المجالس من أعمال من كذب وكفر بالله و بنبي الله لوط عليه الصلاة والسلام ]

عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَكْرٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ : سُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ : (وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) مَا ذَاكَ الْمُنْكَرُ ؟ قَالَ : "كَانُوا يَتَضَارَطُونَ فِي الْمَجْلِسِ ، يَضْرِطُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَالنَّادِي : الْمَجْلِسُ" .

"تفسير إبن أبي حاتم" ( ١١ / ٤٢٥ )
وروى مثله عن عائشة وإبن عباس والقاسم إبن أبي بزة وغيرهم رضي الله عنهم. 

 تفسير إبن كثير ( ٦ / ٢٧٦ ) 
و تفسير الطبري  ( ٢٩ / ٢٠ ) .

..................
 [  من نواقض الوضوء ؛ خروج الريح ]

عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تُقبَلُ صلاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يتوضَّأَ )، قال رجلٌ مِن حَضرمَوت: ما الحدَثُ يا أبا هُرَيرةَ؟ قال: " فُساءٌ أو ضُراطٌ " 
رواه البخاري رحمه الله في صحيحه واللفظ له حديث رقم ( ١٣٥ ) ومسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٢٢٥ )
................ [  خروج الريح مما يستحيى منه ؛ وكيف يتصرف من خرج منه الريح أثناء الصلاة ]
روى أبو داود رحمه الله في سننه ( ١١١٤ )  عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (  إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ ) صححه الإمام الألباني رحمه الله  في "صحيح أبي داود" .
قال في "عون المعبود" ( ٣ / ٣٢٦ )  :
"(فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذ بِأَنْفِهِ لِيُوهِم الْقَوْم أَنَّ بِهِ رُعَافًا (نزيفاً) .
 وَفِي هَذَا الْبَاب مِنْ الْأَخْذ بِالْأَدَبِ فِي سَتْر الْعَوْرَة وَإِخْفَاء الْقَبِيح وَالتَّوْرِيَة بِمَا هُوَ أَحْسَن , وَلَيْسَ يَدْخُل فِي بَاب الرِّيَاء وَالْكَذِب , وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّجَمُّل وَاسْتِعْمَال الْحَيَاء وَطَلَب السَّلَامَة مِنْ النَّاسِ" إنتهى كلامه رحمه الله .

.............
[ حسد المشركين لأهل الإسلام   من تمام دينهم  الحنيف وكماله ]

قال الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه: ( قالَ لنا المُشْرِكُونَ إنِّي أرَى صاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ حتَّى يُعَلِّمَكُمُ الخِراءَةَ، فقالَ: أجَلْ إنَّه نَهانا أنْ يَسْتَنْجِيَ أحَدُنا بيَمِينِهِ، أوْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ، ونَهَى عَنِ الرَّوْثِ والْعِظامِ وقالَ: لا يَسْتَنْجِي أحَدُكُمْ بدُونِ ثَلاثَةِ أحْجارٍ ) . رواه مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٢٦٢ ).
وروى البخاري ومسلم أن رجلاً من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! إنكم تقرؤون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: وأيُّ آية؟ قال: قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}، فقال عمر: ( والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت عشية عرفة في يوم جمعة )

 ..................
[ فائدة ؛ وبها تكون خاتمة رسالتنا ]

عَنْ أَبي هُريْرَةَ رضي الله قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذا نُودِي بالصَّلاةِ، أَدْبرَ الشيْطَانُ ولهُ ضُرَاطٌ حتَّى لاَ يسْمع التَّأْذِينَ، فَإِذا قُضِيَ النِّداءُ أَقْبَل، حتَّى إِذا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أَدْبَر، حَتَّى إِذا قُضِيَ التَّثْويِبُ أَقْبلَ، حَتَّى يخْطِر بَيْنَ المرْءِ ونَفْسِهِ يقُولُ: اذْكُرْ كَذا، واذكُرْ كذا لمَا لَمْ يكن يذْكُرْ منْ قَبْلُ حَتَّى يظَلَّ الرَّجُلُ مَا يدرَي كَمْ صلَّى )
متفقٌ عَلَيْهِ.
فأحذروا عباد الله من التشبه بالشيطان وإستعيذوا بالله من شرور النفس والشيطان ورفقاء السوء ...
رزقنا الله واياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
..........
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :
غازي بن عوض العرماني.

Friday, 24 April 2020

《 رأي - جعله الله مباركا - أقدمه لطلاب العلم 》



بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
أما بعد: 

فأحببت عرض رأي شخصي متواضع على الإخوة طلاب العلم ولعل هناك من سبقني في هذا الرأي لكن لم أطلع عليه ،

  ياطلاب العلم فتعلمون 
ان شهر رمضان المبارك شهر أنزل الله فيه كلامه المنزل غير المخلوق فقال تعالى {  شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ } وقال تعالى وتقدس 
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }
وقال عز من قائل { إنا انزلناه في ليلة القدر }
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان ، وأُنزلت التوراة لِسِتٍ مضت من رمضان ، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان ، وأُنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان ، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان )[حسنه الإمام الألباني في " السلسلة الصحيحة(١٥٧٥)] قال الإمام ابن باز رحمه الله:
" القرآن الكريم نزل على رسول الله ﷺ منجمًا على حسب الحاجة والأسباب، وكان أول ما نزل سورة (اقرأ) في ليلة القدر، فصدق على ذلك أنه أنزل في ليلة القدر وأنه أنزل في رمضان؛ لأن أوله نزل في ليلة القدر في رمضان، هذا هو ظاهر الأدلة الشرعية؛ لأن كثيرًا من القرآن نزل في مكة في غير رمضان، وكثير منه نزل في المدينة في غير رمضان، لم يزل ينزل منجمًا على الرسول ﷺ بحسب الحوادث والأسباب، وسورة المائدة نزلت في آخر حياته ﷺ،.."....وقال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة: إنه أنزل إلى السماء الدنيا في رمضان في ليلة القدر، إلى بيت العزة بيت في السماء الدنيا يقال له: بيت العزة، وكل سماء فيها بيت للملائكة يتعبدون فيه، وبيت العزة بيت في السماء الدنيا يتعبد فيه الملائكة، وفي السماء السابعة البيت المعمور، يتعبد به الملائكة أيضًا وهو على .... الكعبة في الأرض، يقول فيه النبي ﷺ: إنه يدخله كل يوم - يعني: البيت المعمور - سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم، وهذا يدل على كثرة الملائكة، وأن كل يوم يدخل البيت المعمور منهم سبعون ألف ملكًا للعبادة، ثم لا يعودون إليه أبدًا.
فعلى هذا القول - قول ابن عباس - أنه أنزل إلى بيت العزة جملة واحدة، ثم نزل منجمًا في ثلاث وعشرين سنة على حسب الحوادث والأسباب، وهذا قول قوي أخذ به جمع من أهل العلم، والأول أظهر، وأنه أنزل من عند الله جل وعلا بواسطة جبرائيل على النبي ﷺ في ثلاث وعشرين سنة، وأن أوله أنزل في ليلة القدر في رمضان، والله ولي التوفيق "[ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي]
وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَة)
فما سبق توطئة إلى الدخول في موضوعنا وهو أهمية تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك
فهما وفقها وتدبرا لكلام الله سبحانه و تعالى 
وهاهنا رأي أحببت طرحه عليكم طلاب العلم وهو : قبل قرائتك للقران الكريم  فرأيت أن يكون عندك تفاسير أئمة السلف وهم "  ابن جرير الطبري والبغوي وابن كثير والسعدي و الشنقيطي "
لسلامة هذه التفاسير من الأخطاء العقدية فحينما تشرع في قراءة القرآن الكريم فتشكل عليك عبارة أو لفظ أو حكم أو مسألة فترجع إلى هذه الأسفار المباركة لمعرفة ماأشكل عليك ومن لم يستطع إيجاد هذه الكتب أو جمعها لأي سبب من الأسباب فليختر المواقع الطيبة لهذه التفاسير في جهاز جواله ويرجع إليها  وبهذه الطريقة لا تتم قراءة لكلام الله تعالى وتقدس إلا وعندك حصيلة علمية طيبة في فهم كلام الله سبحانه و تعالى وتدبره .
وبعد الانتهاء من كتابتي لهذه الرسالة  وجدت  كلاما نفيسا لشيخنا الإمام محمد العثيمين رحمه الله أحببت إطلاعكم عليه هذا نصه  :" وكان بعض أهل العلم في رمضان وهو في وقت تلاوة القرآن يجعل معه دفترًا خاصًا ، كلما قرأ شيئًا واستوقفته آية من كتاب الله فيها معانٍ كثيرة أو ما أشبه ذلك قيَّدها بالدفتر ، فلا يخرج رمضان إلا وقد حصل خيرًا كثيرًا من معاني القرآن الكريم .

ولقد رأيتُ كُتيبًا صغيرًا للشيخ عبدالرحمن السعدي 
رحمه الله 
 يقول :" إنه كتبه في رمضان وهو يقرأ القرآن ، تمر به آية فيقف عندها، ويتدبرها ، ويكتب عليها فوائد لا تجده في أي تفسير ".
فلهذا ابن القيم رحمه الله - حَثَّ على تدبر القرآن لمن أراد الهدى .
وشيخه ابن تيمية رحمه الله - قال :"  من تدبر القرآن طالبًا للهُدى منه تبين له طريق الحق".
فاشترط شيخ الإسلام 
رحمه الله 
شرطين : التدبر ، وطلب الهدى ، لأنه ربما تدبر ، ولم يقصد طلب الهدى ، ولكن يريد معرفة معاني القرآن فقط ، 
ماتريد أن تَهْدِي به وتجعله نبراسًا لك تسير عليه ، فإذا تدبرته، وأنت تريد الهدى منه ، وتريد أن تجعل القرآن نبراسًا لك تسير عليه ، تبين لك طريق الحق".[ الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية - للإمام ابن القيم ، شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين ( ١/ ٥٠٣- ٥٠٤) ]
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
-----------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني 
في يوم الجمعة غرة شهر رمضان المبارك لعام ١٤٤١ هجري

Sunday, 19 April 2020

《 ماهي أسباب الدفاع عن دين الإسلام و دولة الإسلام المملكة العربية السعودية و شيوخ الإسلام 》

 
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد

فمن التحدث بنعم الله علينا فقد قمنا بفضل الله[ نصحا للأمة وإبراء للذمة ولئلا يتبع أهل الضلال  في ضلالهم { ولتستبين سبيل المجرمين} ] بكشف مئات الشبه  التي أستهدفت  :
١-
ديننا الإسلام .
٢-
شيوخ الإسلام وأئمة السنة [ ابن تيميه ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله وما أكثر مايكذب عليهما وغيرهما من شيوخ الإسلام ]
٣-
ولاة أمرنا في المملكة العربية السعودية[ آل سعود وخاصة الملك وولي العهد وماأعظم الشبه والكذب الذي يكذب عليهما لكن عند تحقيق أهل العلم لاتساوي فلسا دعاواهم الفاجرة والتي وراءها إستخبارات دول وأحبار سوء ورهبانها ] 
وهذا في رسائل كثيرة [ لا أريد الدنيا وحظوظها من جاه أو مال أو منصب لكن أريد رد شيئا من معروفهم على شخصي من تعليمهم لي- بفضل الله وحده- الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالحين وتدريسنا التوحيد والسنة وإنفاق مليارات الريالات على هذا الخير مع أمن وأمان وأطمئنان ]
و :
[ الشبهة : وضع الآية أو الحديث أو الحجة العقلية أو قصة مكذوبة في الإنتصار لأفكارهم المنحرفة ؛ وتأييد توجهاتهم العقدية المخالفة للكتاب والسنة النبوية وما عليه معتقد جميع المسلمين وعملهم ]
وجواب الشبه  :
يكون بوضع الآية المحكمة وفق فهم السلف الصالح ورد المتشابه الى المحكم وبيان إن الآية حجة عليهم وليست لهم
وهكذا يقال في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك وأما  مااستدلوا به
 مجملا فيبين
أو مطلقا فيقيد
أو عاما فيخصص
أو مرجوحا فيبين سبب ضعفه وعدم الإعتداد به
وأما الحجج العقلية
فتجابه بإدلة الوحيين
فالإسلام أتى بما تحار فيه العقول
لا بما تحاربه العقول
وتجابه كذلك بالإدلة العقلية الصحيحة من ذوي العقول الصحيحةوالفطر السليمة
وأما القصة المكذوبة فيوضح
كذبها وعدم صحة إسنادها وضعفه
وكل ما سبق يبين بالإدلة   
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
........
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني

《 فضل الهدى [وهو العلم النافع ] والتقى [وهو العمل الصالح ] وكيف يجمع بينهما طالب العلم 》


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فطالب العلم يحرص على الوفاء بتحقيق شرطي صحة العبادة وهما:
اولا :
الاخلاص لله ومعنى هذا الشرط ان يريد الله بعلمه وعمله ودعوته ولا يريد جاها أو منزلة أو منصبا او مالا او نوالا أو أي حظ من حظوظ الدنيا الفانية.
الشرط الثاني :
الصواب ويتم  هذا الشرط بمتابعة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ودعوة 
ويتجنب دعوة وأسلوب ومذهب ومنهج ومسلك ومبادئ الحزبيين وأهل الأهواء من خوارج إخوانية أو صوفية تبليغية او ملاحدة علمانية
وأن يكون طلبه للعلم بجد واجتهاد مع الحرص على الإبتعاد عن الأضواء وشهوات الدنيا وحظوظها وقد رأيت مجموعة كبيرة من طلاب العلم يحرص على الشهادات العلياء ليزاحم أهل الدنيا فيها
ومنهم مع شدة طلبه للعلم صاحب توجه إخواني خارجي وماأكثرهم لا كثرهم الله
قال الإمام ابن باز رحمه الله في كلمة مشهورة ثابتة عنه واصفا حالهم محذرا من طريقتهم : "
قضاة ومدرسين , وهم لايعرفون العقيدة السلفية لايعرفون العقيدة الصحيحة , تساهلوا في الأصل, في علم العقيدة وتهاونوا في إعطائهم حقه والدراسة والتمحيص وإزالة الشبه وصاروا دكاترة وهم صفر في العقيدة , بل دكاترة  مدرسين بل دكاترة ,أخذوا الشهادة العالية و الماجستير والدكتوراة وهو صفر في العقيدة صفر مايعرف شئ في العقيدة على عقيدة الجاهلية عبادة القبور والتعلق على الأموات لأنهم مادرسوا العقيدة كما ماينبغي ولادرسها لهم أساتذتهم الذين أخذوا عنهم ,وأخذوا صفراً في هذا الباب , وحرم طلب العلم من العقيدة فأي شئ بعده , أي شئ عنده بعد ذلك , خصوا العقيدة بعناية , خصوها بمزيد عناية مع الأساتذة ومع , وفي المتون التي في أيديكم , خصوها بمزيد عناية , ومطالعة ومذاكرة , وسؤال وإستكشاف عن الشبه وعن ردها , حتى تمتازوا في ذلك , وحتى تتخرجوا إن شاءالله وأنتم في غاية من البصيرة من العقيدة السلفية , العقيدة في باب توحيد العبادة وفي باب أسماء الله وصفاته , أما توحيد الربوبية فالجاهلية تعرفه ولاكن لابد له من دراسته حتى نعرفه على بصيرة , كثير من الناس ماعرف حتى توحيد الجاهلية كثير من الناس وهم مدرسون ماعرفوا حتى توحيد الجاهلية , حتى توحيد أبي جهل ماعرف" انتهى كلامه رحمه الله.
‏قال الإمام مقبل الوادعي رحمه الله :
" فكم من شخص عنده دكتوراة في الفقه
الإسلامي وهو لا يفقه شيئا،
وكم من شخص عنده دكتوراة في الحديث وهو ‌لا يفقه حديثا،
فهذه الشهادات تؤهل كثيرا من الناس لمناصب لا يستحقونها،
وماذا يغني عنك لقب دكتور وأنت جاهل بشرع الله" .[المخرج من الفتنة (١٩٣)]
فأحرصوا ياطلاب العلم على الفقه في الدين فهذا سبيل من أراد خيري الدنيا والآخرة كما ثبت في السنة ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين )
ثم الحذر من سلوك طريق الجهلة الذين جعلوا أنفسهم أئمة وأعلاما وهم قفر صفر من العلم فأفتوا بالنوازل واستحلوا الدماء . وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبِضُ العلمَ بقبضِ العلماءِ)."  رأى رجلٌ ربيعة بن أبي عبد الرحمن رحمه الله  يبكي:
فقال: ما يبكيك ؟ فقال: استُفتي مَن لا علم له،
وظهر في الإسلام أمر عظيم .
قال: ولَبعضُ مَن يفتي ههنا أحق بالسجن من السرَّاق .
قال بعض العلماء: فكيف لو رأى ربيعة زماننا وإقدام مَن لا علم عنده على الفتيا، وتوثبه عليها، ومد باع التكلف إليها، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها، مع قلة الخبرة، وسوء السيرة، وشؤم السريرة، وهو من بين أهل العلم منكر أو غريب، فليس له في معرفة الكتاب والسنَّة، وآثار السلف ولا يبدي جوابا بإحسان وإن ساعد القدر فتواه كذلك يقول فلان ابن فلان .
يمدون للإفتاء باعًا قصيرة وأكثرهم عند الفتاوى يُكَذْلِكُ"
[إعلام الموقعين (٤ / ٢٠٧)]
ثم أكثروا من الدعاء ب { رب زدني علما } و( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا)و (سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نافِعاً، وَتَعوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِـــــلْمٍ لَا يَنْفَعُ)
فالعلم النافع هو ما باشر القلب، فأوجب له السكينة والخشوع، والإخبات للَّه تعالى، وإذا لم يباشر القلوب ذلك من العلم، وإنما كان على اللسان فهو حجة اللَّه على بني آدم  عليه الصلاة و السلام
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
كتبه :
غازي بن عوض العرماني

Saturday, 11 April 2020

《 أسئلة في العقيدة وجوابها 》




   بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد أتاني سؤال من أحد طلاب العلم هذا نصه : [  ما حكم قول (الله يوفقك إن شاء الله ) ، 
[ حي الله الطبيب أو نحوه من المهن في المستقبل بمشيئة الله عزوجل || آمين || ] أو ما شابه هذه العبارات التي مضمونها الدعاء ؟ 
أم أنها معلق بالمشيئة فإن كان كذلك فما معنى إن شاء الله ؟ 
وما معنى  من كان داعيا إلى الله فليعزم وما هو وجه الإشكال بين العزيمة والمشيئة ؟ 
وهل هناك فرق بين التخيير وقول إن شاء الله 
ككقول البعض الله يغفر له أو يهلكه ولان حرف أو فيها تخير على الله 
وما كفارة من يقول ان شاء الله في دعاءه 
وفي اي باب من ابواب العقيدة صنفوه اهل العلم  ] 
إنتهت أسئلته 
و الإجابة على ما طلب نقول : 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
سؤالك تضمن عدة أسئلة أتت في رسالة واحدة  ولكل سؤال منها جواب 
فأسأل الله التوفيق والإعانة والسداد 
فأولا سؤالك ( ما حكم قول : الله يوفقك إن شاء الله )
يحرم قول إن شاء الله في هذا الموضع لما ورد في صحيح البخاري رحمه الله  عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: ( لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة؛ فإن الله لا مكره له) .
ولمسلم: ( وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه).
 لا أحد يكره الله على شيء حتى يقال إن شئت، وليس بعاجز حتى يقال: إن شئت
فالمؤمن يجزم في الدعاء، ويدعو دعاء الراغب المضطر المحتاج لا دعاء الذي لا يبالي حصل وإلا ما حصل، يستثني فإن قوله : إن شئت، معناه إن شئت وإلا ما هو بلزوم المغفرة، هذا غلط ما يناسب في حق الرب جل وعلا؛ لأن العبد مضطر إلى المغفرة في ضرورة إلى المغفرة وفي حاجة إلى المغفرة، فهو جل وعلا العظيم الغني الحميد، ولا يتعاظمه شيء أعطاه عباده وجاد به على عباده، بل كلها عنده قليلة ويسيرة، وإن أعطاهم الشيء العظيم ، فالمشروع للمؤمن أن يكون عظيم الرغبة فيما عند الله، شديد التعلق بالله، شديد اللجأ إليه، فإن سأله سأله سؤال مضطر، سؤال الراغب، فلا يستثني ولا يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، أو اللهم ارحمني إن شئت، أو اللهم اكفني إن شئت، أو اللهم ادخلني الجنة إن شئت، 
 ...........
الإجابة عن سؤالك الآخر :
وهي قولك ( حي الله الطبيب او نحوها من المهن ثم تقول : إن شاء الله ) 
فهذا خبر أريد به الطلب وهو من باب الرجاء أي نرجو الله أن يجعلك طبيبا ولعله جائز 
عملا بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( 
لا بأس طهور إن شاء الله)
.........
وسؤالك الآخر : ( وما وجه الإشكال بين العزيمة والمشيئة) 
فالعزيمة إصرار وإلحاح وهذا ما يجب عليه حال المسلم كما في نص الحديث وأما تعليقه في المشيئة فكانه مستغني أو تطلب من يعجزه هذا الطلب فجاء أمر الرسول صلى الله عليه وسلم يحرم مثل هذه الأحوال وتعليق المشيئة في الخبر  لا يعارض الأصل المتقدم ؛ فليس فيه إظهار استغناء ، ولا خشية استكثار ، فالمحذور غير وارد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله خبرا ؛ على سبيل الرجاء ، أو التبرك ؛ وإلا ، فليس المرض طهورا في حق كل أحد .
............
وأما سؤالك الآخر ( وهل هناك فرق بين التخيير وقول إن شاء الله ) 
نعم يوجد فرق كبير شرعا ولغة 
فالتخيير طلب أحد الأمرين وهذا جائز شرعا ومتصور عقلا   كأن تقول : اللهم أصلحه أو أهلكه وهذه الصورة لعلها محل إتفاق بين أهل العلم على جوازها .
وأما قول : إن شاء الله. 
فالمعنى مختلف وهذه الصورة محل إتفاق على تحريمها لما ثبت في السنة ؛ وحيث أن هذه المسألة لها متعلق في توحيد الله فقد ذكرها الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه النفيس " التوحيد " فقال رحمه الله  :
" باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت
في الصحيح عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: ( لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة ; فإن الله لا مكره له.
ولمسلم:( وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه )." إنتهى كلامه رحمه الله 
قال الإمام إبن باز رحمه الله( من موقعه الرسمي ) في تعليقه على هذا الباب :"يقول المؤلف رحمه الله: باب لا يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، أراد المؤلف بهذا أن من كمال الإيمان وكمال التوحيد العزم على المسألة وعدم التردد، وأن المؤمن إذا دعا ربه يعزم ولا يتردد، فإن جوده عظيم، وهو الغني الحميد، فلا يليق بالمؤمن أن يستثني، إنما يستثني إذا طلب المخلوق الذي قد يعجز فيقول: أعطني كذا إن شئت أو إن استطعت، هذا في حق المخلوق.
أما الرب  فهو الغني الكامل، والقادر على كل شيء، فلا يليق بالفقير -العبد الفقير- أن يستثني في سؤاله فيقول: اللهم اغفر لي إن شئت، أو اللهم أدخلني الجنة إن شئت، كأنه غير محتاج، كأنه ليس بمضطر إلى هذا المسؤول، ولكن يعزم المسألة وليجزم، ولهذا يقول ﷺ: لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، وليعزم المسألة فإن الله لا مكره له. لا أحد يكره الله على شيء حتى يقال إن شئت، وليس بعاجز حتى يقال: إن شئت، فلا يليق هذا بالله ، وفي اللفظ الآخر: وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه فهو جل وعلا العظيم الغني الحميد، ولا يتعاظمه شيء أعطاه عباده وجاد به على عباده، بل كلها عنده قليلة ويسيرة، وإن أعطاهم الشيء العظيم ، فالمشروع للمؤمن أن يكون عظيم الرغبة فيما عند الله، شديد التعلق بالله، شديد اللجأ إليه، فإن سأله سأله سؤال مضطر، سؤال الراغب، فلا يستثني ولا يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، أو اللهم ارحمني إن شئت، أو اللهم اكفني إن شئت، أو اللهم ادخلني الجنة إن شئت، لا، وهكذا الإخوان لا يقول: غفر الله لك إن شاء الله، أو رحمك الله إن شاء الله، لا، يجزم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، رحمك الله يا أخي، ولا يقل إن شاء الله، لا يستثني بل يكون دعاؤه دعاء الراغب، دعاء الجازم، دعاء الملح " .إنتهى كلامه رحمه الله. 
...........
وأما سؤالك الآخر ونصه : ( وما كفارة من يقول : إن شاء الله في دعائه(هكذا هو الصواب) 
فمشروع له ذلك عملا بما ثبت 
 في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال : "قال سليمان بن داود عليهما السلام: "لأطُوفنَّ الليلةَ بمائةِ امرأةٍ، تلِدُ كلُّ امرأةٍ غُلامًا يُقاتل في سبيل الله"، فقال له الملَك: قل إن شاء الله، فلم يقُل ونسي، فأطاف بهنَّ، ولم تلِدْ منهنَّ إلَّا امرأةٌ نصفَ إنسان"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان أرجى لحاجته)
وعليه فمن حلف على يمين أو نذر نذرا فقال : إن شاء الله فلا يحنث ولا يترتب عليه كفارة .

.............
وقولك في سؤالك الآخر : ( وفي أي باب من أبواب العقيدة صنفوه أهل العلم )
لعلك أردت في أي أبواب العقيدة تم إدراج هذه المسألة 
  فهذه المسألة من  كمال الإيمان وكمال التوحيد العزم على المسألة وعدم التردد
وهذه المسألة قد تدخل جميع أنواع التوحيد بأقسامه الثلاثة فقد تدخل توحيد الإسماء
 حيث إن جود الله عظيم فهو الغني الحميد، وقد تدخل توحيد الألوهية فلا يليق بالمؤمن أن يستثني في دعائه ، إنما يستثني إذا طلب المخلوق الضعيف الذي قد يعجزه طلبه فيقول: أعطني كذا إن شئت أو إن استطعت( كأنه لا يريد إحراجه) بسبب علمه بتقصير المخلوق أو ضعفه .وقد تدخل في توحيد الربوبية فالرب  هو الغني الكامل، والقادر على كل شيء، فلا يليق بالعبد الفقير أن يستثني في سؤاله فيقول: اللهم اغفر لي إن شئت، أو اللهم أدخلني الجنة إن شئت، كأنه غير محتاج، أو  كأنه ليس مضطر إلى سؤال ربه ، ولكن يعزم المسألة وليجزم فإن الله يسمع ويبصر وهو قوي غني متنزه عن عجز صفات المخلوق وضعفه وإحتياجه وربنا يحب من عباده أن يسألوه  قال الله تعالى وتقدس: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ  إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾
فدعاء الله عباده يعملها العبد وفق مراد الله ووفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقصر في أدائها كما في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن قول : ( اللهم اغفر لي إن شئت)  ولايصرفها لغيره فإن صرفها لغيرها أو دعا غير الله فهو  شرك في ألوهيته وعبوديته على عباده وخلقه 
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
-----------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني كان الله في عونه ؛ في يوم السبت الموافق ١٨ شعبان من عام ١٤٤١ هجري 
وأسأل الله أن يرفع هذا الوباء ويدفع البلاء ويستجيب الدعاء ويكشف اللأواء ويرحم ضعفنا وتقصيرنا وخطايانا وذنوبنا إنا إلى ربنا راغبون  { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }

Friday, 10 April 2020

الطريقة العلمية للأمير فيصل بن مشعل آل سعود أمير منطقة القصيم في كشف شبهات الأحزاب التكفيرية و الإنتصار للدعوة السلفية في رسالته القيمة (الأبعاد التاريخية للعداء على السلفية)



   بسم الله الرحمن الرحيم 

  《       مقدمة     》

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 
أما بعد:

فمن سعادة العبد أن  يجمع الله له بين خيري الدنيا والاخرة فيجمع له - فضلاً من الله ورحمة -  بين علم الكتاب والسنة النبوية وما عليه نهج سلفنا الصالح وبين حرصه على العدل في  الإمارة وتحريه لذلك  - جعلها الله عونا له على طاعته وسدده وأعانه ووفقه في أقواله وأفعاله وأحكامه - و هذا ماعليه حال أميرنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة القصيم مع ماحباه الله من حسن خلق ولين جانب ومحبة  لأهل العلم   
وقد أطلعت على رسالة لسموه أعلن فيها نهجه السلفي فنصر السنة ودحر البدعة وذاد عن عرض أئمة السنة وأعلام الهدى وشيوخ الإسلام ثم تضمنت رسالته الدفاع - بعلم وعدل وحق وإنصاف وصدق - عن دولة التوحيد والسنة المملكة العربية السعودية  فخطر على بالي تقسيم هذه الرسالة النفيسة إلى فصول أبين جزءا من طريقة هذا الأمير في كيفية الإنتصار للحق وأهله ثم قبل  الولوج في إيضاح الطريقة العلمية لهذا الأمير في هذه  الرسالة  المهمة المباركة  لابد لنا  من [ ترجمة مختصرة ] عن سيرة هذا الأمير المبارك ثم [ معرفة المنزلة العلمية لسموه] 
فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان:


《ترجمة مختصرة عن حياة مؤلف رسالتنا 》 :

هو صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور  فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة القصيم 
أما والده : 
فهو صاحب السمو الملكي الأمير مشعل أمير منطقة نجران سابقاً -حفظه الله-
وأما جده :
فهو الملك سعود رحمه الله  
وأما والد جده : 
فهو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية في دورها الثالث 
وقد ورث هذا الأمير  العلم وحسن الأخلاق
وطيب التعامل ولين الجانب والدعوة إلى الله وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج سلفنا الصالح سلفا عن خلف  من هذه الأسرة المباركة آل سعود فضلا من الله ورحمة 
وجده الأول هو الأمير الإمام محمد بن سعود رحمه الله صاحب المعاهدة التاريخية  مع الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله 
فلذا نقول :
الطيب من معدنه لا يستغرب .  


《 معرفة المنزلة العلمية لسمو الأمير 》

وتتمثل في أمرين هما : 


《الأمر الأول :  الحالة التعليمية للأمير 》


أولاً :
حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام ١٤٠٢هـ من جامعةالملك سعود في السعودية .

ثانياً :
حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسيةعام ١٤٠٨هـ من جامعة ولاية كاليفورنيا شيكو في الولايات المتحدة .

ثالثاً :
حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية عام ١٤٢١هـ من جامعة درم في المملكة المتحدة وكان عنوان رسالته " التطور السياسي في المملكة العربية السعودية "


《 الأمر الثاني :  جهود سمو الأمير في مجال التاليف العلمي 》 وتمثلت في  :

١-
الأمان الثاني في عام ١٤٢٤هـ  وترجم إلى اللغات الأردية والإنجليزية والفلبينية والاندونيسية والمليبارية والسيرلانكية والبنجلاديشية والهندية.
٢-
التطور السياسي في المملكة العربية السعوديةوتقييم لمجلس الشورى عام ١٤٢٠هـ  بتقديم من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ، وترجم إلى اللغة الإنجليزية بالولايات المتحدة الأمريكية في عام ١٤٢٢هـ  ، 

٣-
المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة العربية السعودية في عام ١٤٢٠هـ  بتقديم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز "عندما كان أميراً لمنطقة الرياض آنذاك" ، وترجم إلى اللغة الإنجليزية بواسطة مطابع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية ـ لندن ١٤٢٤هـ.
٤-
الدبلوماسية والمراسم الإسلامية في عام ١٤٢٦هـ  وترجم إلى اللغات الأردية والإنجليزية والفرنسية والتركية والفلبينية والاندونيسية والمليبارية والسيرلانكية والبنجلاديشية والهندية والصينية.
٥-
مختصر تاريخ الدولة السعودية للفترة من ١١٥٧هـ ١٤٣١هـ.
٦-
خير جليس في عام ١٤٢٨هـ .
٧-
رسائل أئمة دعوة التوحيد.
٨-
من رسائل الملك سعود بن عبد العزيز (رحمه الله) الدعوية في عام ١٤٣٢هـ.
٩-
سر دوام النعم في عام ١٤٢٢هـ  وترجم إلى اللغات الأردية والإنجليزية والفلبينية والاندونيسية والمليبارية والسيرلانكية والبنجلاديشية والهندية.
١٠-
الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- وتوحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين في عام ١٤٤٠هـ.
١١ -
المنسك الواضح اللطيف في إرشاد الحجاج إلى هدي النبي الحنيف.
١٢-
إصدار توثيقي وصوتي عن تاريخ الدولة السعودية منذ نشأتها حتى اليوم " ١٣١٩ هـ ـ  ١٤٤١ هـ ".
١٣ -
شارك مع الفريق العلمي لتأليف كتاب "السعوديون والإرهاب".
١٤ -
الأبعاد التاريخية للعداء على السلفية.. والتهجم على النهج السلفي السعودي لماذا ؟
وهي رسالتنا هذه التي يدور الحديث حول نفيس مضمونها 
وقد قسمت تأليفنا هذا   إلى مقدمة وقد سبقت 
ثم تقسيمها عدة فصول سنشرع فيها إن شاء الله ثم أخيرا الخاتمة فنسأل الله حسنها  .

《   الفصل الأول  》

تعريف الأمير  للدعوة السلفية 
معتمداً في تعريفها على كلام إمامين من أئمة السنة وأعلام الهدى وندع القارئ مع التعريف ومعرفة هؤلاء الأئمة حيث قال حفظه الله  : " ما هي السلفية ومن هم السلفيون؟
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - معرفاً لها:
«الدعوة السلفية هي الدعوة إلى ما بعث الله به نبيه محمداً -عليه الصلاة والسلام- هي الدعوة إلى التمسك بالقرآن العظيم والسنة المطهرة، هذه هي الدعوة السلفية، الدعوة إلى السير على المنهج الذي درج عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثم المدينة من إبلاغ الدعوة إلى المسلمين وغيرهم، وتوجيه الناس إلى الخير وتعليمهم ما بعث الله به نبيه من توحيد الله والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وترك الإشراك بالله -عز وجل- والقيام بما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه الدعوة السلفية».

ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في تعريف السلفية والسلف: «السلفيَّة هي اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم سلفنا تقدموا علينا، فاتِّباعهم هو السلفيَّة، وأما اتِّخاذ السلفيَّة كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من خالفه من المسلمين ولو كانوا على حقٍّ: فلا شكَّ أن هذا خلاف السلفيَّة، فالسلف كلهم يدْعون إلى الإسلام والالتئام حول سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يضلِّلون مَن خالفهم عن تأويل، اللهم إلا في العقائد، فإنهم يرون من خالفهم فيها فهو ضال».

لكن بعض من انتهج السلفيَّة في عصرنا هذا صار يضلِّل كل من خالفه ولو كان الحق معه، واتَّخذها بعضهم منهجاً حزبيّاً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى الإسلام، وهذا هو الذي يُنكَر ولا يُمكن إقراره، ويقال: انظروا إلى مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون في طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف الذي يسوغ فيه الاجتهاد، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة، في مسائل عقديَّة، وفي مسائل علميَّة، فتجد بعضَهم - مثلاً - يُنكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه، وبعضهم يقول بذلك، وبعضهم يقول: إن الذي يُوزن يوم القيامة هي الأعمال، وبعضهم يرى أن صحائف الأعمال هي التي تُوزن، وتراهم - أيضاً - في مسائل الفقه يختلفون، في النكاح، في الفرائض، في العِدَد، في البيوع، في غيرها، ومع ذلك لا يُضلِّل بعضهم بعضاً.

فالسلفيَّة بمعنى أن تكون حزباً خاصّاً له مميزاته ويُضلِّل أفراده سواهم: فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة في شيء.
وأما السلفيَّة التي هي اتباع منهج السلف عقيدةً، وقولاً، وعملاً، واختلافاً، واتفاقاً، وتراحماً، وتوادّاً، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر»، فهذه هي السلفيَّة الحقَّة.
ويقول في موضع آخر من هذه الرسالة : " وتلك الدعوة (السلفية) باختصار هي في جوهرها تعني الرجوع إلى الإسلام كما أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وكما فهمها واتبعها الصحابة والتابعون من أهل القرون المفضلة عقيدة وشريعة وسلوكاً."

《   الفصل الثاني   》

دفاع الأمير  عن دعوة الإمام المصلح شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله 
وفي هذا الصدد يقول حفظه الله : " وعن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله-:
إن دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هي الدعوة الإسلامية التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وسلف هذه الأمة الصالح، ولهذا نجحت وحققت آثاراً عظيمة رغم كثرة أعدائها ومعارضيها في العالم الإسلامي أثناء قيامها، وذلك مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله».
وهذه الدعوة وإن كانت ضمن سلسلة دعوة الإصلاح ومرتبطة بمذهب السلف الصالح السابق لها؛ ولم تخرج عنه, إلا أنها تستحق المزيد من الدراسة والعناية وتبصير الناس بها؛ لأن الكثير من الناس لا يزال جاهلاً حقيقتها، ولأنها أثمرت ثمرات عظيمة لم تحصل على يد مصلح قبله بعد القرون المفضلة، وذلك لما ترتب عليها من قيام مجتمع يحكمه الإسلام، ووجود دولة تؤمن بهذه الدعوة وتطبق أحكامها تطبيقاً صافياً نقياً في جميع أحوال الناس في العقائد والأحكام والعادات والحدود والاقتصاد، وغير ذلك مما جعل بعض المؤرخين لهذه الدعوة يقول: «إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والراشدين لم يشهد التزاماً تاماً بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة ودافعت عنها».

 《 الفصل الثالث 》

دفاع الأمير عن معتقد حكام وعلماء المملكة العربية السعودية وفي هذا المعنى يقول حفظه الله : " ولا تزال هذه البلاد والحمد لله تنعم بثمرات هذه الدعوة أمناً واستقراراً ورغداً في العيش وبعداً عن البدع والخرافات التي أضرت بكثير من البلاد الإسلامية حيث انتشرت فيها.
والمملكة العربية السعودية حكاماً وعلماء يهمهم أمر المسلمين في العالم كله، ويحرصون على نشر الإسلام في ربوع الدنيا لتنعم بما تنعم به هذه البلاد، ومن هنا فإن الدولة السعودية منذ قيامها وحتى الآن تتحين الفرص والمناسبات لبيان حقيقة هذه الدعوة التي تعتمد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحرص على إزالة الشبهات التي تثار من الجاهلين بهذه الدعوة أو المغرضين، فكانت اللقاءات تتم للمناقشة حول الدعوة وآثارها، والرد على المعارضين، وكانت الرسائل تبعث، والكتب تؤلف، وما زالت والحمد لله " 

       《  الفصل الرابع  》

دفاعه عن النهج السلفي وتتبعه لتاريخ الدعوة السلفية  وما أثير حوله من شبهات هي أوهى من بيت العنكبوت  فيقول سموه : "   الهجوم على النهج السلفي لماذا؟
ولقد تجددت في الآونة الأخيرة وازدادت بوتيرة متصاعدة الحملة الشرسة ضد النهج السلفي والتي تقودها جماعات وفئات تعمل بوعي أو غير وعي منها على تنفيذ رغبات وتحقيق استراتيجيات لأيدلوجيات تحارب الإسلام في جوهره، علاوة على ذلك فإننا نجد البعض منا يردد أقوالاً ومصطلحات مدفونة كالسم في العسل لتلعب دور المفاهيم البديلة حتى نعتاد تردادها دون وعي بمضمون فعلها في عقلنا العربي الإسلامي ومكنون ثقافتنا التي ترسخت عبر القرون وفقاً لما جاءنا من علوم دينية وشرعية من علماء أجلاء جاهدوا لأجل الحفاظ على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
لاشك أننا نرى أن للغرب عذره وللأيدلوجيا المضادة لمذهب السنة والجماعة من المانويين والشيعة الباطنية عذرها كذلك في أن تحارب وتعادي كل ما هو سني، ولكن كيف نجد العذر والمبرر للآخرين ممن يصنفون ضمن المذهب السني في ترديد تلك المفاهيم والأقوال التي تصف النهج السلفي بالتطرف حيناً وأحياناً أخرى بأنه السبب الرئيس في ظهور وتفريخ الجماعات التي تحمل السلاح وتمارس العنف باسم الدين وتقاتل الجميع كالقاعدة و»داعش»، ...الخ، من الجماعات السياسية المتطرفة التي تعمل بكل أسف باسم الدين. من المعروف تاريخياً ولكل من قرأ تاريخ الدولة الإسلامية منذ نشأتها وتأسيسها في المدينة المنورة بأنها قامت على مبدأ الحفاظ على الجماعة الإسلامية باعتبارها القوة الحقيقية للدولة الإسلامية، أي إلى جماعة تعيد تأسيس الاجتماع الديني - الذي تكون في مكة المكرمة - وتعمق بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، تعيد تأسيس الاجتماع الديني للمسلمين في صورة اجتماع سياسي،أي ما نسميه اليوم كيان دولة ذات سيادة وقيادة.
وبعد أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه استطاع الصحابة وبما اكتسبوه من علم وخبرة بمصاحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم القائد العظيم والنبي المرسل في الحفاظ على الجماعة الدينية والسياسية من التفكك وذلك بإتباع المنهج النبوي القائم على الكتاب والسنة النبوية.
ومع تطور الدولة الإسلامية وتعدد الشعوب التي دخلت الإسلام بعد الفتوحات الكبيرة واحتكاكها بالثقافات والديانات الأخرى التي كانت تعتنقها تلك الشعوب قبل دخولها الإسلام فقد تعددت الطوائف والفرق والمذاهب التي تأثرت بتلك الثقافات، ونتيجة للصراع التاريخي الذي كان قائماً قبل الإسلام بين العرب والفرس فقد ظهرت الدعوة للشعوبية التي قادها المانويون الوثنيون في فارس وما حولها من بلاد خراسان للقضاء على الإسلام ممثلاً في النهج النبوي السني حتى ظهور المذهب الشيعي الباطني الهرمسي «والهرمسية عبارة عن فلسفات وعقائد وثنية»، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا وهذه الطوائف المنحرفة عن الحق تحارب الإسلام السني وبكل الوسائل المتاحة الفكري منها والثقافي.
كذلك ونتيجة للضعف الذي اعترى الدولة الإسلامية والتفكك الذي لحق بجماعتها الدينية والسياسية ولعصور متعاقبة قرناً بعد قرن حتى اختلطت العقائد الوثنية التي كانت سائدة قبل الإسلام بالعقيدة الصحيحة مما أدى إلى انحراف في العبادات الصحيحة واختلاط الشرك بالتوحيد، فقد قيض الله بعلمه وقدرته في كل عصر من العصور من يقوم من العلماء ويتصدى لتلك الظاهرة الخطيرة من الانحرافات واختلاط الشرك بالتوحيد والدعوة للعقيدة الصحيحة والعودة لنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين.
ولقد كانت النقطة المفصلية في التاريخ تلك التي اصطلح المؤرخون على تسميتها بالفتنة الكبرى والتي حدث فيها أكبر انشقاق ديني سياسي في تاريخ الإسلام، مما أحدث شرخاً في الجماعة الإسلامية التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم وحافظ عليها الصحابة من بعده والتي تفرع من بعدها أحداث جسام أدت إلى ما أدت إليه من بروز ظاهرة الخروج على الجماعة وظهور الجماعات السياسية المتطرفة دينياً كالخوارج وغيرهم، حتى ظهور مذهب الشيعة المتأثر بالعقائد الوثنية المانوية والهرمسية التي كانت سائدة في بلاد فارس كما أسلفنا، ومنذ تلك اللحظة التاريخية الفاصلة ما زالت تتجدد ظاهرة التطرف السياسي والخروج على الجماعة بدعاوى دينية مختلفة ولكنها في جوهرها عبارة عن جماعات سياسية تخالف مذهب السنة وخروج على جماعة المسلمين والنهج السلفي"

《 الفصل الخامس 》

حديث الأمير عن المجددين في الدين وأهميتهم في نشر السنة ودحر البدعة وتجديد ماأميت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول حفظه الله  : 
" المجددون في الإسلام هم ورثة الأنبياء
ومواصلة لجهود سلسلة متعاقبة من العلماء الأجلاء في عصور تاريخية مختلفة وجهادهم الكبير في الحفاظ على النهج النبوي الصحيح وملاقاتهم للعنت الشديد في سبيل التصدي لكل مظاهر الانحراف في العقيدة الصحيحة ودعوتهم المستمرة لتبيان الحق من الباطل فقد استطاع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتوفيق الله عزّ وجل أن يكون هو مجدد الدعوة السلفية في القرن الثاني عشر الهجري بعد أن أطبقت الجهالة على الأرض وخيمت الظلمات على ديار المسلمين وانتشر الشرك والضلال والابتداع في الدين وانطمس نور الحق واختفت السنة وظهرت البدعة وأضحى الدين غريبًا والباطل قريباً، ولأن الله عزّ وجل قد قضى لعباده بحفظ دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان من رحمته تبارك وتعالى بهذه الأمة أن يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها.
وأن الدعوة السلفية التي حمل لواءها الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب لم تكن إلا مواصلة للدعوة التي نادى بها المصلح العظيم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القرن الثامن الهجري وهو نفس النهج الذي أوذي في سبيله إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله في القرن الثالث الهجري.


《 الفصل السادس 》

تحدث الأمير عن أهمية اللقاء التاريخي بين العلم والسيف وقبل نقل كلامه سموه نذكر بأهمية إجتماع العلم والسيف بما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله حيث قال رحمه الله    : " ولهذا قَرَنَ سبحانه بين الكتاب المنزَّل والحديد الناصر، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ فذكر الكتاب والحديد إذ بهما قوام الدين كما قيل: 
فما هو إلا الوحيُ أو حدٌ مرهفٍ ... تُميلُ ظِباهُ اخدعي كُلِّ مائلٍ
فهذا شفاء الدَّاء من كلِّ عاقلٍ ... وهذا دواء الدَّاءِ من كلِّ جاهلٍ
ولما كان كلٌّ من الجهاد بالسيف والحجة يسمى سبيلَ الله، فسَّرَ الصحابة رضي الله عنهم قوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ بالأمراء والعلماء؛ فإنهم المجاهدون في سبيل الله؛ هؤلاء بأيديهم، وهؤلاء بألسنتهم "[ مفتاح دار السعادة( ١ / ٢٧١)]
ومن هذا المنطلق كانت كلمة سمو الأمير في رسالته وفيها قال :" إن ذلك اللقاء التاريخي المعروف الذي جمع بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب قد حقق فتحاً كبيراً للأمة الإسلامية، حيث قال الشيخ قولته المشهورة واعداً الإمام محمد بن سعود بالنصر والتمكين «أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعضاً، فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك».
وهكذا فقد كان وتحقق النصر للإمام ولذريته من بعده في إعلاء كلمة لا إله إلا الله وتوحيد المملكة العربية السعودية ومكنها من إقامة الدولة الإسلامية وهي الوحيدة في العالم الآن التي تطبق الشريعة الإسلامية كما أمر بها الله سبحانه وتعالى وبما جاء به على لسان رسوله الكريم وكما فهمها واتبعها صحابته الكرام من السلف الصالحين.


  《 الفصل السابع 》

دور ملوك المملكة العربية السعودية في الحرص على المحافظة على النهج السلفي المبني على الكتاب والسنة وما عليه هدي سلف الأمة الصالحين وفهمهم فيقول حفظه الله  :" وتمثل المملكة العربية السعودية الآن رأس الرمح في الدفاع عن عقيدة المسلمين القائمة على التوحيد ومذهب أهل السنة والجماعة ورعاية وخدمة الحرمين الشريفين وحماية البيت وعمارته قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
السعودية دولة دستورها كتاب الله وسنة نبيه
وقد تبنت المملكة العربية السعودية أعزّها الله بالتوحيد والإيمان في دستورها ونظامها الأساس الذي يحكم علاقاتها الداخلية والخارجية في مادته الأولى، بأن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغتها هي العربية وعاصمتها الرياض، وفي الباب الخامس، الحقوق والواجبات في مادته الثالثة والعشرين، تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله.
وبهذه الثوابت التي لا تتزحزح تم بناء الدولة السعودية على يد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله ولقد استطاع أن يبني دولة عصرية بأحدث المقاييس ذات دعائم قوية وصلبة، ظل المواطن فيها وما زال محور التنمية وهدفها الأساس في جميع خطط الدولة منذ عهده رحمه الله وتبعه أبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، رحمهم الله جميعاً، وصولاً لعهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، هذا العهد الزاهر بإذن الله.
وقد أكد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في محاضرة له ألقاها في جامعة طيبة بالمدينة المنورة عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض بتاريخ ٢٤-٤-١٤٣٢هـ ، على عزم المملكة على المضي قدماً في إقامة العدل على منهج النبوة والتمسك بالكتاب والسنة وهو المنهج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الكامل من كل الجهات وفي جميع الأصعدة وهو من أكبر أسباب المكانة التي تتبوأها المملكة، وكان حفظه الله قد أشار إلى تجدد التاريخ الإسلامي في العلاقة التي جمعت بين خيرة الرجال وهما الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، فقد اجتمع على يد الرجلين صحّة المنهج وقوة المنعة في قيام المملكة التي أرست دعائم العدل في الجزيرة العربية.
إن التمسك بهذا النهج الثابت والواضح والذي لا حيدة عنه، وسارت عليه الدولة السعودية منذ تأسيسها دائمًا ما يؤكد عليه الملوك المتعاقبون منذ الملك المؤسس رحمه الله.
وتأكيداً على الثبات على هذا النهج السلفي الذي تتبناه المملكة العربية السعودية فإن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى ورضي عنه عندما كان يشغل منصب ولي العهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية وفي افتتاحه لندوة «السلفية منهج شرعي ومطلب وطني» في يوم الثلاثاء بتاريخ ١-٢-١٤٣٣هـ  قال «إن المنهج السلفي مصدر عزّ وتوفيق ورفعة للمملكة، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، فهو منهج ديني شرعي، كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين واحترام حقوقهم».
وفي كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والتي وجهها لعموم المواطنين في يوم الثلاثاء بتاريخ ١٩-٥-١٤٣٦هـ والتي استهلها بقوله «إن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، وأبناءه من بعده قد أسسوا هذه البلاد وأقاموا دعائم هذه الدولة وحفظ وحدتها على هدى من التمسك بالشرع الحنيف واتباع سنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم»، وهذا تأكيد من الملك على هوية الدولة الإسلامية والتمسك بنهج النبوة والسلف الصالح"

   《 الفصل الثامن 》


كشف الأمير لشبهة أحدثتها الدولة العثمانية التركية الصوفية لهدف سياسي  وهي النبز والتعيير بلقب( الوهابية)   
فيقول حفظه الله  : " يبقى هناك تنبيه أخير لبعض الغافلين عن بعض الحقائق وهم أولئك الذين ينسبون النهج السلفي الذي تتبناه المملكة العربية السعودية ويصفونه «بالوهابية»، فهؤلاء إنما يرددون بعلم أو غيره مصطلحاً القصد منه تحجيم وتقزيم الدعوة التي نادى بها الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب والتي قوامها التوحيد واتباع النهج النبوي في سنته التي شرعها الله لعباده كما جاء بها رسولنا الكريم ونقلها بأمانة عنه صحابته من السلف الصالحين، فمثل هذه المصطلحات تحمل السموم التي يدسها أهل الباطل عن عمد ليرددها البعض عن جهل بما تحويه في باطنها من دلالات، الهدف منها أن ترسخ في أذهان الناشئة والعامة من الناس كأنها حقائق مسلم بها كما يفعل أهل العقائد الباطلة ممن ينسبون طرقهم لأشياخهم الذين يعبدونهم من دون الله، كما يقول مثلاً «القادرية، والشاذلية والإسماعلية، الخ» في أخطر ظاهرة للشرك عمل على محاربتها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وجاهد في سبيلها. وفي هذا يقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: «إن الأعداء يريدون بهذا اللقب صد الناس عن الحق بدعوى أن الدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - مذهب له خاص انفرد به عن علماء الأمة، في حين أنه - رحمه الله - سار على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما سار عليه صحابته والتابعون لهم بإحسان وما عليه القرون المفضلة التي أثنى عليها الرسول - وحث على اتباعها، فالشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله- لم ينفرد بمذهب خاص به ينسب إليه، كمذهب الجهمية المنسوب إلى الجهم والمعتزلة والأشاعرة والصوفية ونحوهم ممن خالفوا منهج السلف، ونسبت مذاهبهم إليهم، فالشيخ محمد - رحمه الله - سار على منهج السلف الصالح وجدده بإماطة الشرك والبدع والضلالات عنه، ولكن هؤلاء الأعداء يريدون صد الناس عن الحق بدعوى أن الشيخ محمد - رحمه الله - خالف ما عليه غالب المعاصرين له ومن جاء بعدهم من البقاء على الشرك المتمثل بدعاء الأموات والاستغاثة بأصحاب القبور ومسايرة ما عليه الناس ولو كان باطلاً على حد: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}، ويريدون أن يقطعوا الصلة بالسلف الصالح المتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، فهم يزعمون أن الحق ما عليه الناس ولو خالف الحق. بل هناك من يقول إن ما عليه السلف الصالح لا يصلح لمن جاء بعدهم، فكل مجتمع له ظروفه وله حريته في اختيار ما يريد جيله من عقدة أو منهج - وكأن القرآن والسنة لا يصلحان لكل زمان ومكان - والإمام مالك - رحمه الله - يقول: «لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها»، بل صار هؤلاء الأعداء ينسبون إلى الدعاة إلى الحق كل وصف ذميم من الجمود والتشدد والتكفير، وعمل المتفجرات والتخريب»."


   《    الخاتمة - نسأل الله حسنها - 》


صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود 
سعدنا فيه أميرا لمنطقة القصيم فله دور رائد في كل شأن يهم المواطن في منطقته فهو شعلة نشاط في زياراته المتكررة للمواطنين في بيوتهم وتلبية إحتياجاتهم مع إقامة ما يعتبر منتدى مهم يحضره أهل العلم في قصر سموه العامر مساء كل إثنين 
وفي نهاية رسالتي أقول كما قال سموه في دفاعه عن النهج السلفي :"   هي دولتنا، وهذه هي سلفيتنا، لا نحيد عنها ولا نجامل كائناً من كان، يريدون أن يشوهوها بخرافاتهم ودعاواهم الباطلة، ونحن نريد لهم الخير ببيان هذه الدعوة القائمة على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين " إنتهى كلام سموه ؛
وأقول إن لهذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية من فضائل كثيرة  - بعد فضل الله ورحمته - على شخصي الضعيف وعلى أسرتي من تعليمنا التوحيد والسنة مع مانعيشه من سلوم حميدة موافقة للشرع ومن أمن وأمان ورغد عيش وأطمئنان في الأوطان ؛ أقول هذا الكلام إمتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله )  
ولأن ولي الأمر طاعته والوقوف معه والدعاء مما أتى في كلام الله سبحانه و تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم 
وما عهدناه من مأثور سلفنا الصالح. 
فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ ولاة أمرنا وأن  ينفع في سمو الأمير فيصل بن مشعل بن سعود  وأن يبارك فيه وله كما أسأله سبحانه وتعالى 
أن يجعل هذه الرسالة خالصة صوابا متقبلة 
 والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
...........

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني مساء يوم الخميس ١٥ / ٨ / ١٤٤١هجري في مركز الكدادية 

سائلا الله أن يدفع عن المسلمين هذا الوباء وأن يرفع هذا البلاء إن ربي سميع مجيب الدعاء .

Wednesday, 8 April 2020

《 الإجابة المختصرة في بيان حكم البدعة المنكرة 》




   بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
أما بعد 


فالإجابة عن هذه الشبهة وهي إدعاء بعض المبتدعة  جواز الإستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد مماته في أمور لا يقدر عليها الأحياء في حياتهم فكيف بعد مماتهم بقول الصحابة الكرام  رضي الله عنهم     في حرب المرتدين ب( وامحمداه)
فهذا إستدلال باطل لأمور منها  

( اولا  )  :
هذا كان شعارهم في الحرب، لم يقل أنهم كانوا يستغيثون به في الحرب، ولا أنهم يدعونه، بل قال: هذا شعارهم في الحرب. فلا شبهة لك فيه لأنهم كانوا يستعملون الشعار في الحرب باسم أو كلمة ليعرف بعضهم بعضا كما روي أن شعارهم في بعض غزواتهم حم لا ينصرون وفي بعضها أمت أمت.
وبهذا قال جمع كبير من شيوخ الإسلام .

( ثانيا  ) :
قصة هذا النداء ضعفها أئمة الحديث فلا تصح سندا ولا متنا وفي كتاب [ هذه مفاهيمنا( ٥٢)] " ذكر الحافظ ابن كثير أن شعار المسلمين في موقعة اليمامة كان [محمداه]" :
"أقول: ابن كثير - رحمه الله - ساق ذلك في ضمن خبر طويل عن الغزوة، دخل حديث بعض الأخباريين في بعض. وأما هذا الشعار فقد روى خبره ابن جرير في "تاريخ الأمم والملوك" ( ٣ / ٢٩٣) قال: (كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن الضحاك بن يربوع عن أبيه عن رجل من بني سحيم..) فذكر قصة وفيها الشعار.
أقول: هذا إسنادٌ مظلم، وما عهدت مسائل العقيدة والتوحيد، بل ولا غيرها من أحكام الشريعة
تؤخذ من كتب التاريخ، وإنما تروى قصص التأريخ للعبرة والعظة، والتصديق بمجموعها، لا تفاصيلها، ولهذا قال أحمد بن حنبل: (ثلاثة ليس لها أصول وذكر المغازي..) .
وإظلام هذا الإسناد من ثلاث جهات:
الأولى: سيف هو ابن عمر مصنف "الفتوح"، و"الردة"، يروي عن خلق كثير من المجهولين.
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" ( ٢ / ٢٥٥ ): "روى مطيّن عن يحيى: فَلْس خير منه. وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة.
وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.." اهـ.
الثانية: الضحاك بن يربوع: قال الأزدي: حديثه ليس بقائم. قلت: وهو من المجهولين الذين تفرد بالرواية عنهم سيف.
الثالثة: جهالة يربوع والرجل السحيمي.
وكل واحدة من هذه العلل والقوادح تضعف الحديث، فكيف وهو من رواية سيف بن عمر؟! وقد عرفت ما فيه، نسأل الله العافية.
ولا يُستنكر إيراد ابن جرير لمثل هذه الحكايات الواهيات، وتتابع المؤرخين بعده على ذكرها، فقد قال ابن جرير - رحمه الله - في مقدمة كتابه "تاريخ الأمم والملوك" ( ١  / ٨ ) ما نصه: (فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارؤه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة، ولا معنى في الحقيقة: فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وأنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُديَ إلينا)" .

( ثالثا ) :
هذا العمل بهذه الصورة من الشرك الأكبر بالله سبحانه و تعالى وهو عين فعل كفار قريش قال الله تعالى  { مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع  
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار ، مثل أن يسألهم غفران الذنب ، وهداية القلوب ، وتفريج الكروب ، وسد الفاقات ؛ فهو كافر بإجماع المسلمين " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" ( ١ / ١٢٤)
ومستند هذا الإجماع الكتاب والسنة وما عليه نهج سلف الأمة الصالحين من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 
يقول الله : {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [ وقوله: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}
وروى البخاري رحمه الله في صحيحه ( كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ ) ( بَاب إِذَا غَنِمَ الْمُشْرِكُونَ مَالَ الْمُسْلِمِ ) ح ٢٨٦٠ قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ ، قَالَ : " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ ، يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ ، يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ ) ، وَقَالَ أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ .
ورواه مسلم رحمه الله في صحيحه بنحوه في ( كِتَاب الْإِمَارَةِ ) ( بَاب غِلَظِ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ ) ح ٣٤١٨ قال: وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ ، ثُمَّ قَالَ :( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ ، يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ ، يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ )
فكيف يترك كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويصار إلى قصة موضوعة مكذوبة .
والآيات والأحاديث مستفيضة متظافرة متواترة بهذا المعنى 

( رابعا ) :
الإستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أمور لا يقدر عليها البشر  ويعجزون عنها من الشرك بالله كما مر في ( ثالثا )  وفي هذاةالعمل شرك أكبر ففيه صرف عبادة الدعاء لغير الله قال الله تعالى 
{ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ} وقال تعالى  {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}  وقال تعالى {قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا}. 

( خامسا )
 و ليعلم بأنّ (يا) هنا ليست للنداء وإنما هي للندبة ، وهي نحو قول القائل (وامحمداه) 
وهذا معروف في لغة العرب وقواعدها بخلاف من جهلها من الأعاجم فالمعتمد في شرع الله هو لغة العرب ففيها نزل  كلام الله تعالى وفيها نطق  رسول الله صلى الله عليه وسلم  وصحابته رضي الله عنهم ومن ذلك ما ورد عن فاطمة رضي الله عنها عند ، وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قالت : يا أبتاه أجاب ربا دعاه. وفي رواية: وا أبتاه أجاب ربا دعاه.
روى البخاري ( ٤٤٦٢) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : " لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ  فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام : وَا كَرْبَ أَبَاهُ 
فَقَالَ لَهَا : ( لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ ).
فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ : يَا أَبَتَاهُ ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ ، يَا أَبَتَاهْ ؛ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ .
فَلَمَّا دُفِنَ ، قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام : يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ ؟! " .
وعند ابن ماجه( ١٦٣٠)   ( وَا أَبَتَاهُ ، إِلَى جِبْرَائِيلَ أَنْعَاهُ ، وَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ ، وَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ ، وَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ).
فهذا من باب الندبة لا من باب الاستغاثة والطلب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(  ٨ / ١٤٩): " قوله: "يا أبتاه" كأنها قالت: يا أبي، والمثناة بدل من التحتانية، والألف للندبة ولمد الصوت، والهاء للسكت" انتهى من " فتح الباري " انتهى كلامه رحمه الله .قال الأشموني   [ الأشموني على ألفية ابن مالك( ١ / ٢٣٣)]: " (وَوَا لِمَنْ نُدِبْ) وهو المتفجَّع عليه ، أو المتوجَّع منه، نحو: وا ولداه، وا رأساه (أَو يَا) نحو يا ولداه، يا رأساه (وَغَيرُ وَا) وهو يا (لَدَى اللَّبْسِ اجْتُنِبْ) أي لا تستعمل يا في النُّدبة إلا عند أمن اللبس ، كقوله:
حَمَلتَ أَمْرَاً عَظِيمَاً فَاصْطَبَرْتَ لَهُ * وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ ؛ يَا عُمَرَا
فإن خيف اللبس : تعينت وا" انتهى كلامه رحمه الله 
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
.............
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني 
صباح يوم الأربعاء الموافق
 ١٥ / ٨ / ١٤٤١هجري  ..سائلا الله أن يرفع الوباء ويدفع هذا البلاء عن المسلمين .

《 تنبيه أهل العلم والإيمان في أنه لا يوجد في لغة العرب فرق في معنى لفظي ( المجئ ) و ( الإتيان ) 》

       بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  أما بعد  فهذه رسالة لعلها تتبع ر...